الاثنين، 5 مارس 2012

طباع المصريين فى الإختلاف ...!!



عاش الشعب المصرى سنوات وعهود وعقود طويلة ... ضحية لحكامه ... فما إبتلى الله شعبا بحكامه ... أكثر مما إبتلى الشعب المصرى .... وللأسف كانت النتيجة إبتلاء مصر نفسها الآن بشعبها !!
لا نجعل الخلاف فى الرأى يفسد للود قضية
كان حكام مصر على مر السنين يهتمون بتغييب العقل المصرى ... وبتهميش الآراء ... وبوئد التفاعلات فى مهدها ... وإستخدم الحكام فى ذلك إعلام الدولة .. وثقافة الدولة ... وتعليم الدولة ... فبات الإعلام والثقافة والتعليم من الأسلحة التى يستخدمها الحكام ضد مواطنيهم وضد الشعب المصرى .... حتى صار الإعلام أداة الدولة فى التخدير .. وصارت الثقافة .... حيلة الحاكم فى المغالطة ... وصار التعليم ... كتاب الجهل المفتوح على مصراعيه ...
وإذا كانت نسبة كبيرة من الشعب المصرى تتمتع بآفة الجهل المقنع ... والمتمثل فى من كان لهم حظ وافر من التعليم ولكن سلوكياتهم فى التعبير والإختلاف كسلوكيات أهل الجهل ... وإذا كانت الأمية تأكل فى جسد مصر وتنهش بنسب مطردة فى الزيادة نتيجة الفقر ... وخطوطه التى يعيش تحتها - على الأقل – نصف المصريين ، وإذا كان التعليم ..مجرد نصوص تحفظ ولا تطبق .... وشهادة تعلق على الحائط ... ولا تطبق ..... فماذا ننتظر من المصريين ؟!!

بعد إندلاع ثورة 25 يناير 2011 .... ظهرت طباع المصريين فى الإختلاف ... وهى طباع أكثر من قدرتهم على الإتفاق والتفاهم ...... وبعض الفئات المثقفة والتى نالت حظا من التعليم فكرت فى أن تفعل شيئا من أجل مصر ... وكانت حيلتهم ( أضعف الإيمان ) ... وهى تداول الأحاديث والمناقشات ... وإقامة الصالونات لمناقشة وطرح وجهات نظرهم نحو مستقبل مصر ........ فها هم يتكلمون فى وسائل الإعلام ... وفى منتديات التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت عن إطروحاتهم فى تطوير التعليم ... والصناعة ... والزراعة ...والبحث العلمى ... وعن مستقبل مصر السياسى ... وعن مرشحى الرئاسة ... وعن الدستور الجديد .. وعن العلاقة بين الجيش والشعب ..... وكان الأولى بهم أن يبدأوا بالحديث عن الأخلاق التائهة ... وطباع المصريين فى الإختلاف ... وعن مظاهر إنهيار الآدمية بيننا فى أعقاب أحداث الثورة ... وإذا لم يبدأ المتحدثون فى مستفبل مصر بهذه القضية .. فإنى أخشى أن تصيب إجتهاداتهم ( آفة الإختلاف ) ...

وطباع المصريين فى الإختلاف تتمثل فى عدة نقاط ... أذكر منها :

أولا : التحدث بأسلوب الطرح العشوائى للموضوعات ... والكلام عن جهالة ( أحيانا ) بحيث يفتى من هو غير مؤهل فى أى من مناحى الحياة ... وعندما تتضح ضحالته ... يعالج الأمر بسياسة             ( الصوت العالى ) ... وضرب ( كرسى فى الكلوب )  وإن كان قوى الحجة .. لا يخشى الإختلاف .

ثانيا : الحديث بلا منطق ... كأن يكون الحديث ... حديث من غير عقل .. لا يعرف صاحبة من أين يبدأ ... وإلى أين ينتهى !!؟

ثالثا : الحديث ... بلا حسابات ... وهنا تطرح الأفكار بلا دراسة ... وبلا أدنى آلية على التنفيذ ... وبهذا الأمر نبدأ طريق بلا نهاية .... ويصبح الكلام مجرد ( مضيعة ) للوقت والعمر ... والحلم .

رابعا : أعراض النرجسية   ...فحين يتحدث شخصان ، الأول صاحب منطق وعلم ، والآخر من أصحاب الهوى .. تكون النتيجة الطبيعية هى الإختلاف ..... وهنا يصاب صاحب الهوى بأعراض النرجسية ... فارضا رأيه عن جهالة ... والأكثر سوءا ، أنه يتهم صاحب المنطق والعلم بفرض رأيه ... ومدعيا بنرجسيته ... وعندما تناقشه وتوضح له الأمور والحقائق والنقاط الخاطئة فى مفهومة ... يعود إليك من نقطة البداية من جديد ... وهنا تذويب للقضية والحوار ..

خامسا : تفضيل رأى الفصيل عن رأى المصلحة العامة ... ورأى الفرد عن رأى الجماعة .

سادسا : الإنسياق وراء آراء أصحاب السطوع الإعلامى ... ومن قضوا أوقاتهم أما العدسات ... وعلى الشاشات ... دون أن يكونوا من أصحاب المنطق والعلم ..

سابعا : من أكبر آفات الإختلاف .... أن يصبح المحق مذنبا ... وأن يبطش الجاهل بعلم العلماء .. وأن يفتك معطوبى الفكر ... بأهل الفكر والتدبر ..... وأن يعيش المختلفون بـ ( الحق ) كالغرباء فى أوطانهم ... فتضيع فرصة الإستفادة بقدراتهم وعقولهم فى صناعة التغيير للأفضل ...
على موقع التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت .... ملايين الحسابات الشخصية فى مصر فقط ... ولو أن كل مجموعة تشارك فى حساب معين ، فتشوا بينهم عن صاحب الرؤية .... ومن يصلح للقيادة والتغيير ... ودفعوا به نحو إدارة المستقبل ... لكان ذلك أفضل لمصر والوطن ... من أحاديث اللهو واللغو ...... إن كل حساب على الفيس بوك له القدره على جزب مئات الآلاف ...وكل حساب بمفرده يمكن أن يكون حزبا مستقلا ... يؤثر فى المجتمع ويتأثر به .. ويدفع من بينه من لديه القدرة للمشاركة فى التغيير .
نحن فى حاجة إلى نؤمن بقدرات بعضنا البعض .... وسوف يحاسبنا الله على إهدار إعترافنا بهذه القدرات ... فالله خلق القائد ... وخلق التابعين ... وتلك فلسفة هى فلسفة التغيير ... وكما يكون للقائد قدرته ( برؤية منحه الله إياها ) فإن هناك قدرة للتابعين فى نصرة هذا القائد والوقوف خلفه ...... حتى رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، أثر فى نجاح رسالته وسرعة إنتشارها وفاء التابعين من أمثال أبو بكر الصديق ... وعمر بن الخطاب .. وعلى بن أبى طالب ... وعثمان إبن عفان .... ومن خلال هؤلاء التابعين ...إنتشرت الرسالة ... حتى بعد وفاة الرسول ...وظهر أوفياء جدد بعد عقود من وفاة الرسول ... من بينهم عمر بن عبد العزيز ... إمام الحق والعدل ....
وتلك هى إرادة الله ... فى القائد ومن يتبعه ... ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ... ولأنزل لأصحاب الرسالات مع رسالاتهم ... المؤيدين والتابعين .... فيقول سبحانه وتعالى فى محكم آياته (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ولو حرف امتناع لامتناع. أي: امتناع وجود الجواب لامتناع وجود الشرط، ويقول سبحانه وتعالى ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
هذه الآيات بها العبر ...والدليل إلى طريق الصواب ... وكل الخوف أن تصيبنا آفة الإختلاف ... بغياب أصحاب الرؤى .. وما أحوجنا لهم فى تلك المرحلة التى نمر بها من إختبارات القدر ....
فلا تختلفوا ... وأنبذوا آفة الإختلاف .... ولا تلومون المختلفين بـ ( الحق ) .... إنه ذنب عظيم ....
ومع الإختلاف .... يضيع الطريق ... ونضيع معه ... مهما أتسعت خطواتنا على هذا الدرب بملايين الخطى ... فخطى المختلفين بغير حق ... هى خطى نحو النار ... فى الدنيا ... والآخرة ......

باســـــم عـــادل




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق