
وتيتعاظم الأمر .... وتصبح الغربة ليست
داخل الوطن فقط ... بل يعيش المختلف عن الآخرين .. غربة جديدة فى ذاته وداخله ...ويشعر أن الحياة من حوله .. بلا لوم وطعم ..أو رائحة !!
أعرف ... رجلا أحب إمرأة ... كانت
إستجاباته غطاء لأحلامها ... قدم روحه وردة فى صحبة جميلة إليها ... وكرس آلات
العشق فى قلبه للدفاع عن عرشها فى دنيا وجوده ... وحين جاءت لحظة الإختبار ...قالت له : لم يكن حبك سوى حمل سفاح على أعتاب الأيام والسنين ..
وأعرف .. صاحبا ... طال نفاقه ... حتى
أزكم الأنوف ... بل جعل النفاق أنشودة ساقطة يكررها على ألحان الغش والخداع فى
اليوم مائة مرة .... وبالطبع حين جاءت لحظة الإختبار .. كان مثل " فص الملح
" الذى يذوب من تلقاء نفسه دون الحاجة للماء ..
وأعرف إمرأة ضاع عمرها ... من أجل حفنة
أبناء ... جرت ورائهم أذيال الرجاء من الدنيا ... وباعت أديم الأرض من أجل لقمة
عيش تسد بها أفواه الجوع الصغيرة ... وحين شب الولدان ... ألقوا بها فى أقرب مقلب
للقمامة ...
وأعرف - حق المعرفة – إنسانا ... قال
" لا " ... قالها فى وجه الفساد ... قالها فى وجه الحرام ... قالها فى
مجلس سلطان جائر ... قالها فى كلماته وعباراته وحروفه ... وأجزل القول حتى صار
النخاع " عصيرا " فإذا بهذا السائل ... ماء النار يسكب على أحلامه
ومشاعره ... وآفاق الغد فى طريقه نحو المستقبل ...
المختلفون بـ " الحق " ... يشعرون دوما أنهم مختلفون فى هذا العالم ... يعيشون فى جزيرة منعزلة رغم أن الناس
من حولهم ... ويتحدثون بلغة العامة ... والعامة لا يفقهون حديثهم ... يأكلون نفس
الطعام ... ويشربون نفس الماء ... ويعيشون تحت نفس الشمس ... ولكن لا يسرى الطعام
والماء فيهم مسرى الآخرين ... أما الشمس ... فهم يستظلون بها ليلا ... ملأت خزائن
الدفىء فى قلوب " المختلفون " لتخرج قلوبهم شمسا جديدة ... تؤنس برودة
الليل ... ووحشة غربتهم فى أجواءه ...
كل من يقول " حقا " فى هذا
الكون يدفع ضريبة الإختلاف ... بعدما صار حديث اللغو والهزل ... هو الماركة
المسجلة لهذا العصر ... ومن ينطق " جد القول " لا مكان له بيننا !!
ويقول الله تعالى في أهل اللهو: "وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ." ... ويقول أيضا فى محكم آياته عن أهل الفضائل ومن هم معرضون
عن اللغو الهزل : وَإِذَا
سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ
أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ. ...
هذه هى آفة بلادنا ... فى هذا العصر الذى
نحياه ... وفى تلك المرحلة بـ " عينها " والتى نعيشها الآن ... وبدلا من
أن يتدفق الناس نحو تحقيق مآرب العدل والإخاء والتقدم ... فإذا بهم يتدفقون مثل
السيل الهادر من علو نحو السقوط ... وهم لم يسألون أنفسهم ... إلى متى ...وإلى أين
هذا السقوط ...
أقول للـ " المختلفون " بالحق
... لا تتغيروا .. ولا يتبدل شأنكم ... ولا يأخذكم اليأس وأنت تعيشون فى قلب باطل
مفروض عليكم ... بل إصمدوا ... وقاوموا ... وسوف يأتى التغيير على يديكم ....
أقول لهم ... غيروا فى أوطانكم .. فى
شعوبكم .. فى بيوتكم ... مع أبنائكم ...وأصحابكم ... غيروا الناس إلى الأفضل ...والأصلح ... فليس مؤمنا من يصلح نفسه .... دون أن يصلح الآخرين ....
وأقول بأمل ... إن اللون والطعم والرائحة
... التى تفتقدونها فى حياتكم ... تعود إليكم يا من أستضعفتم فى الأرض بقول الله
تعالى : " ونريد أن نمن
على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في
الأرض " ...
إنه وعد " الحق " ... قائل
" الحق " ... فبشرى للـ " المختلفين بالحق "
باســـم عـــــادل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق