من قبض الأموال ...... ومن رفضها ؟
تعجبنى بشدة وتؤثرنى كلمات الإمام الراحل محمد متولى الشعراوى .... الرجل
الذى وقف على باب القرن الماضى لينير بعلمه وتفسيره الموضوعى للقرآن الكريم الطريق
لمائة عام قادمة وربما لأكثر ... تعجبنى كلماته عن الثائر الحق ... وتعكس فى نظرى
معنى ( الرؤية ) التى أناضل من أجلها فى كلماتى وحروفى ومقالاتى... وأنادى بأن
يكون ذوى الأمور فى حياتنا من أصحاب الرؤى الحقيقية ... والرؤية هى إستقراء
للمستقبل ... قراءة موضوعية وتوقعية سابقة على وقوع الأحداث ....والإمام الراحل وهو
يقول كلماته .. كأنه يستقرأ الحاضر قبل وقوعه بعشرين عاما على الأقل ... كأنه ينظر
فى كتاب مفتوح أمامه ... وكأنه يقرأ التاريخ بتفاصيله وأحداثه قبل أن يقع !!
وبدأت أحداث الثورة المصرية بمواجهات بين الشرطة وثوار التحرير ... وإنتهت
بخلع النظام السابق ... وإنسجام تام بين الجيش الذى إنحاز لإرادة الشعب ... وبين
الثوار ... ثم ما لبث أن طالت أيادى الشك البغيض العلاقة بين المؤسسة العسكرية
ممثلة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبين الثوار .... وتجددت الإشتباكات من
جديد ... وهذه المرة بين الجيش والشرطة من جهة ... وميدان التحرير بثواره من جهة
أخرى ....غير أننا دخلنا فى فاصل جديد من العنف .. وهذه المرة بين فئات الشعب
المختلفة ... الشباب والشيوخ ... والثوار الحقيقيون والبلطجية وقطاع الطرق ومن
إستباحوا المال والأعراض ...وبين المسلمين والأقباط ... وبين الأحزاب والكتل السياسية
بعضها البعض .... حتى بين الجار وجاره فى السكن الواحد ... وخسر الكثير من
الأصدقاء علاقات الصداقة بسبب الإختلاف فى الرأى ... وفى الأسرة الواحدة تجد من
أبنائها ضابط الشرطة وضابط الجيش وطالب الجامعة ... وهم جميعا يقفون فى مواجهة
بعضهم البعض فى قلب ميدان التحرير ...
فى مصر خرب الإقتصاد ... وما يقرب من 20 ألف شركة ومؤسسة تجارية أغلقت
أبوابها منذ إندلاع الثورة حتى الآن ... وآلاف أخرى بين الحياة والموت ....وزاد
العجز فى الموازنة إلى حد مخيف .. وما يحدث لا يمكن لعاقل أو منصف أن يقول أن فى
صالح الفقراء والمطحونين والغلابة .
وفى مصر ...ترك أصحاب القنوات الفضائية ( جهلاء الإعلام ) ينهشون فى جسد
الوطن ... ويثيرون الناس ... ويقلبون بآرائهم الفاسدة الفتن بين فئات الشعب ...
وباتت الحقيقة غائبة ... والجميع يعيش فى غيبوبة مطلقة .
وعلى صفحات موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك ...وموقع الـ YOUTUBE ... آلاف
اللقطات التى تظهر تجاوز الشرطة فى إستخدام العنف مع المواطنين ... ولكن بينها
أيضا المئات من اللقطات الملفقة وغير المقنعة أو المنطقية ، يبثها أصحاب الأهداف
والأجندات الخاصة ... ويصدقها الكثيرون فى وطن تبلغ نسبة الأمية بين أفراده 49 % .
كانت الحسرة ... لأن كل البلاد الثائرة من حولنا قد بدأت مرحلة التغيير
والإستقرار بالفعل ... فقد إستقرت الأمور فى تونس إلى حد كبير ... وسبب الإستقرار
الرئيسى هو مشاركة الشعب وتفهمه لواجباته فى تلك المرحلة الخطيرة ... ولا دهشة أو
عجب لما حدث فى تونس من خطوات سريعة ومستقرة فى بلد بلغ كافة المعايير العالمية فى
العملية التعليمية ، والأرقام وحدها تشهد على تطور التعليم فى تونس .. ويحظى
التعليم بنسبة 19,9 % من ميزانية الدولة ..كما تراجعت نسبة الأمية فى تونس لنحو 19
% من إجمالى السكان ....
وفى اليمن ... وقع على صالح رئيس الجمهورية اليمنية على إتفاقية تنازله عن
السلطة وقام بالفعل بتسليم السلطة إلى نائبة بلا رجعة ... تسليما نهائيا حاسما ...
معلنا أنه سيرحل إلى نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية تاركا اليمن .
وفى ليبيا ... تعود المياه لمجاريها ... وتبدأ العملية الإصلاحية بخطوات
سريعة وواثقة إلى حد كبير ....
يبقى أن نتوقف ونتسائل ..... ما الذى يحدث فى مصر ؟
وهل هذه هى مصر ... مهد الحضارة ...ومن إستقت منها شعوب الكرة الأرضية فى
سالف الزمان معانى التقدم والحضارة ؟
لا ... ليست هذه هى مصر .... إن مصر الآن مسروقة .... والسارق الحقيقى هو
التعصب الأعمى ... وفقدان الحوار والمنطق .. وغياب الثقة ... وكلها من علامات
الهدم .. لا البناء !!
ما يحدث فى مصر من لغة تخاطب وتفاهم وتعبير عن الرأى غير مسبوق فى تاريخها
.... ففى التاريخ الحديث ... قامت القوات المسلحة فى يولية عام 1952 بإنقلاب عسكرى
تحول إلى ثورة بمناصرة الشعب للجيش ... ولكن إنظروا إلى بيان ثورة 1952 والذى
ألقاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات ... (اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها
الأخير. من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير
على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في فلسطين…وأما فترة ما بعد هذه
الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل
أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا
وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولا بد أن
مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.
أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله، جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس..وإني اُطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم والله ولي التوفيق.)
أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله، جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس..وإني اُطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم والله ولي التوفيق.)
أنظروا .. إلى أدب الحوار ... وقيمة الكلمة ... وفى نفس الوقت كلمات قليلة
معبرة وحاسمة ... وقد أشار بيان الثورة إلى وجود خونة يقومون بعمليات التخريب
والعنف ... وطالب من الشعب التصدى له أيضا ... وهذا يدلل على أن من يقوم بعمليات
التخريب والعنف خائنا لله والوطن ... ولكننا بكل أسف لا نتعلم من تجاربنا السابقة
...ولا نقرأ التاريخ .
لقد حان الوقت لكى يتحرك جموع المصريين ناحية الإستقرار والإصلاح السياسى
والإقتصادى ... وأن يترك حزب ( الكنبه) أريكته ... وينزل إلى الشارع ... والبداية
يوم الإثنين القادم ... فلا بد أن تنجح التجربة الإنتخابية القادمة .. ولا بد
للشعب أن يختار من يحكمه ... وأن يعى جيدا من يعمل فى صالحه ومن يعمل لإثارة
الفوضى ... وأعتقد هذه المرة أن جموع الشعب لن تقف صامته .... وسيعرف الخطأ من
الصواب ... فقد إنكشفت كل الأقنعة ... وعرفنا من هو الوطنى .. ومن الخائن ..ومن
المزيف ... ومن قبض الأموال ... ومن رفضها .....
باسم عادل
ليست هناك تعليقات:
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.